هو الطفيل بن عمرو بن طريف الدوسي رضي الله عنه كان رجلا شريفا شاعرا كثير الضيافة
فقدم مكة فلقيه رجال من قريش فقالوا إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا
وفرق جماعتنا وشتت أمرنا وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين ابنه وبين الرجل وبين
زوجته وإنا نخشى عليك وعلى قومك مثل ما دخل علينا منه فلا تسمع منه قال فوالله ما زالوا بي
حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئا ولا أكلمه فغدوت إلى المسجد وقد حشوت أذني قطنا فكان يقال لي
ذو القطنتين فإذا رسول الله قائم يصلي فقمت قريبا منه فسمعت بعض قوله فقلت في نفسي وا ثكل أ
أمي والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح فما يمنعني أن أسمع من هذا فإن
كان حسنا قبلته وإن كان قبيحا تركته فمكثت حتى انصرف إلى بيته فدخل فدخلت معه فقلت إن
قومك قالوا لي كذا وكذا فاعرض أمرك علي فعرض علي الاسلام وتلا علي القرآن فقلت لا والله
ما سمعت قولا قط أحسن من هذا ولا أمرا أعدل منه فأسلمت وقلت يا نبي الله إني امرؤ مطاع في
قومي وإني راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام فادع الله أن يكون لي عونا عليهم فقال اللهم اجعل له
آية فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح
فقلت اللهم في غير وجهي فإني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراق دينهم فتحول
النور فوقع في رأس سوطي فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق فأتاني
أبي فقلت إليك عني فإنك لست مني ولست منك قال ولم يا بني قلت إني أسلمت واتبعت محمدا قال
يا بني ديني دينك فقلت فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ففعل ثم جاء فعرضت عليه الإسلام ثم أتتني
صاحبتي فقلت إليك عني فلست منك ولست مني قالت ولم بأبي أنت قلت فرق بيني وبينك الإسلام
إني أسلمت وتابعت دين محمد قالت فديني دينك فأسلمت ثم دعوت دوسا إلى الإسلام فأبطؤوا علي
ثم جئت رسول الله إلى المدينة فقلت قد غلبتني دوس فادع الله عليهم فقال اللهم اهد دوسا وقال لي
اخرج إلى قومك فادعهم وارفق بهم فخرجت أدعوهم حتى هاجر النبي إلى المدينة ومضت بدر
وأحد والخندق ثم قدمت بمن أسلم ورسول الله بخيبر حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من
دوس ولحقنا رسول الله بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين وقلنا يا رسول الله اجعلنا في ميمنتك واجعل
شعارنا مبرورا ففعل فلم أزل مع النبي حتى فتح مكة فقلت ابعثني يا رسول الله إلى ذي الكفين
صنم عمرو بن حممة أحرقه فبعثه إليه فحرقه فلما أحرقه بان لمن تمسك به أنه ليس على شيء
فأسلموا جميعا ورجع الطفيل فكان مع النبي حتى مات فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين
فجاهد ثم خرج إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو فقتل الطفيل باليمامة وجرح ابنه عمرو وقطعت يده.