رمضان يأتي مرة واحدة كل عام" وكذلك كل الشهور تأتي مرة واحدة كل عام. ولكن لرمضان خصوصية في إفراده عن تلك الشهور بالذكر والذكرى، وكان حال الشعراء -قديما وحديثا- حيال رمضان، مميزا عن باقي الشهور، فما أن يأتي شهر شعبان حتى يتنسم الشعراء عبير رمضان وتجد الشعر يتفجر عند بعضهم ابتهاجا بقدوم الصيام.
وعند اقتراب رحيل رمضان يجد الشعر مكانه في توديع هذا الشهر، فكان شعر الوداع ذكرا لمناقب الشهر ونفحاته.
وهكذا تدور الكرة، فما يفتأون يرددون ذكريات رمضان ويتمنون مجيئه، حتى يحظوا بكرمه وجوده وعطاياه.
في وداع شعبان
ابن دراج القسطلي (347- 421/ 958-1030م)، وهو شاعر من أهل (قسطلة دراج )، قال عنه الثعالبي: كان في بالأندلس كالمتنبي بالشام.. يقول في وداع شعبان، وتنويهًا على مقدم رمضان:
فلئن غنمت هناك أمثال الدُمى********** فهنا بيوت المسك فاغنم وانتهب
تحفا لشعبان جلا لك وجهه **********عوضا من الورد الذي أهدى رجب
فاقبل هديته فقد وافى بها ********** قدرا إلى أمد الصيام إذا وجب
واستوف بهجتها وطيب نسيمها ********فإذا دنا رمضان فاسجد واقترب
ويقول مؤيد الدين الشيرازي (390- 470هـ/ 999- 1077م):
ورحمة ربنا فينا تجلت **********وذاك الفضل من رب رحيم
وليس سواه يسأل عن نعيم ********** إذا وقع السؤال عن النعيم
أتى رجب يؤمم منك شمس السـ ***********عادة بدرها بدر العلوم
ويأتي بعده شعبان شهر النبـ ********* ي الطاهر الطهر الكريم
وشهر الله يتلوه وكل ********* يدل على أخي شرف جسيم
في استقبال رمضان
وما أن يأتي رمضان حتى تشتعل نار الحنين في قلوب المحبين لرمضان، يرحبون بمقدم هلاله، ويبشرون الناس بقرب موعد قدومه، ويتغزلون في جمال هلاله. يقول الشاعر الأندلسي ابن الصباغ الجذامي احتفالا بمقدم هلال رمضان:
هذا هلال الصوم من رمضان ********* بالأفق بان فلا تكن بالواني
وافاك ضيفا فالتزم تعظيمه ********* واجعل قراه قراءة القرآن
صمه وصنه واغتنم أيامه ********** واجبر ذما الضعفاء بالإحسان